لكل ساذج مؤمن إن الشباب اللي صنعو تاريخ وعلّمو العالم شو يعني تظاهر سلمي وعصيان مدني فجأة تذكروا إنه بعد سنة من التظاهر ما خربوش وما كسّروش وما حرقوش وقرروا إنهم يحرقوا تاريخ مصر عشان راحت عن بالهم وبدهم يعوّضوا .. ولكل معقد نفسياً من بنات التحرير..
بقلّكم وبكل الحقد اللي بصدري على الظلم:
الصدر اللي انسحل في الشارع واندعس عليه والستيانة الزرقة هاي فيهم شجاعة ورجولة أكثر من التستسترون والحيوانات المنوية اللي رح ينتجها عضوك القاصر طول عمره.
حطّوا روسكم بالزبالة وانخرسوا.
In solidarity with Ghada Kamal and every brave Egyptian in Tahrir square
من حد ما رجعت من فلسطين وأنا بأجل بتدوينة رحلة فلسطين، والأصدقاء يصرّون (وين بوست فلسطين؟).. وككل مرّة أزور بها فلسطين أواجه نفس المعضلة عند الحديث أو الكتابة عن فلسطين، ليش...
لأن فلسطين لغير الفلسطينيين أو فلسطيني الشتات هي أحد شيئين:
·لبعض غير الفلسطينيين وفلسطينيي الشتات: أرض ساحرة تسكنها الملائكة
·لبعض غير الفلسطينيين: وجع راس ومش هالقصة يعني! والفلسطينيين هم الشعب اللي خرّب وسبب مشاكل وين ما راح
بالمناسبة وقبل أن أكمل، أتوقع أن لا يعجب كلامي الكثيرين.. بس طولو بالكو معي، ما أنا مثلكم واقع بورطة وعقدة ذنب فوقها..
المشكلة: فلسطين لا هي أرض سحرية، ولا هي كل سكانها ملائكة منزلين مناضلين، ولا هي بنفس الوقت (وجع راس وشو هالقصة يعني)، ولا شعبها خربنجي ومشكلجي وهدفه الأوحد إنو يسيطر على بلدك، ولا بدو يحل مشكلتو على حسابك.
عقدة الذنب: كوني حصلت على "لم شمل" على كَبَر، قررت قبل بضعة أعوام أن لا أقطع علاقتي "بالأرض والأهل" وأصير سائح بزور فلسطين كل 10 سنين، وبالتالي بذلت جهدي خلال الأربعة أعوام الماضية أن أزور فلسطين حتى لو لمدة قصيرة جداً لا تتعدى اليومين.. وين المشكلة؟ المشكلة إنو 90% من الناس اللي بعرفهم ومن أصول فلسطينية لا يستطيعون زيارة فلسطين، والواقعيون منهم يعلمون أنهم لا يستطيعون الحلم بزيارة فلسطين في المدى المنظور، ناهيك عن العودة، لي صديق أخبرني قصة عائلته مع "الخبيزة"، فهم لا يأكلون الخبيزة، الخبيزة ممنوعة في منزلهم، لأن والديه وأثناء نزوحهم إلى الأردن مشياً، تقطعت بهم السبل في الطريق، ونفذ منهم الطعام، وكانت الخبيزة التي وجدوها بعد عناء هي منقذهم، هي التي أمدتهم بقليل من الطاقة لمتابعة المسير... صديقي هذا مثلاً، الذي ورث من خلال حبله السرّي هذه العقدة من نبتة بريّة، كيف لي أن أعبّر له عن تجاربي في فلسطين؟ كيف لي أن أصف له الشعور الذي لا يمكن وصفه بأن تكون في فلسطين؟ كيف أصف له "الوطن"؟ هذه الحالة اليوفورية؟ كيف أصف له الهواء هناك مثلاً؟ وكيف لي في نفس الوقت أن أشرح له أن فلسطين لا تسكنها الملائكة وأنهارها (أو ما تبقى منها) ليست أنهار كوثر ولا عسل ولا خمر لا يسكر؟ وقس على ذلك.. أجد نفسي دائماً بين مطرقة الواقع وسندان الواقع الآخر، بين واقعي وواقعهم.
·الاحتلال
كما لن تفهم معنى أن تكون في وطنك إلاّ إذا كنت في وطنك، فلن تفهم معنى أن تكون محتلاً إلاّ إذا عشت تحت نير الاحتلال، أوّل ما يواجهك عند عبورك حدود الأردن إلى فلسطين هو علم اسرائيل. أوّل صفعة.
قد تخلع ملابسك كاملة في أي مطار في العالم للتفتيش، وستراه على أنه إجراء روتيني. لكن أن ترى الرجال تخلع أحزمتها، ونساء تخلع حليّها، ومحجبات ينزعن مشابك الشعر من تحت غطاء الرأس بدون عناء (مع التعويد) للمرور من كاشف المعادن، ومجندتين في بداية عقدهن الثاني على كوكب الأرض يتحكمن بمن يمر ومن يقف ومن ينتظر ومن يجب أن يعيد الكرّة، فهو ليس إجراءً روتينياً، وليس شيئاً عادياً، بل هو إجراء مقرف، ومهين، وبيرفع الضغط، لإنه من عمل الاحتلال، أنت لست حراً هناك.
مشاهدات كثيرة تبدأ بطوابير السيارات على الحواجز، إلى نقاط التفتيش التي يقيمها الجيش الاسرائيلي أمام اللوحة التي تنص على أنّه: هذه المنطقة خاضغة للسلطة الوطنية الفلسطينية، يمنع دخول أي إسرائيلي، أي إسرائيلي يعبر هذه النقطة يعتبر متعدياً على القانون.. وهي LOL لعيون المناطق أ وب وج. كان نفسي أصورهم بس خفت يعملولي مشكلة (ملاحظة: السايح بقدر يعمل مليون إشي أكثر من الفلسطيني، في فلسطين!).
مشاهدات:
·ضابط المخابرات: لفت نظري هذه المرة مسؤول مخابراتي رافقني شخصياً كوني "ليحل مشكلتي" كوني نسيت أن أدفع مبلغاً ما في مرحلة ما خلال عودتي، تحدثت للمسؤولة بالإنجليزية، وردت علي بالعربية، ثم تحدَّثَت بالعبرية لمسؤول المخابرات الذي أتى ليرافقني، وإبن الحرام أصر على أن يتحدث العربية معي طوال الفترة، وأنا أرد بالإنجليزية، وهو يرد بالعربية، وأحياناً بالعامية، حتى Thank You رد عليها "عفواً مش مشكلة".!
·رام الله: ما شعرت بخصوصية هالمدينة، كانو الناس يحكولي رح تكيّف على رام الله، لإنها زي عمّان، فيها مقاهي وشباب وبنات ومتطورة يعني، ما حسيت إلها هويّة! يمكن لإني قعدت فيها يومين بس.. بعدين بتحسها مرسومة بالمسطرة، فش فيها إشي عفوي، حتى أسماء الشوارع دبلوماسية زيادة عن اللزوم، مثلاً شوارع بأسماء أشهر الشهداء والشعراء، أو عواصم عربية. الذكرى التي ستبقى في ذاكرتي من هذه المدينة هي زيارة محمود درويش وأبو عمّار.
·بيت لحم: أمضيت فيها أقل من يوم، كان كافي إنها تصير مدينتي المفضلة (طبعاً السموع تحتفظ بالمركز الأول دائماً)، زرت بيت جالا واستمتعت بأصالتها وكنائسها وشوارعها، زرت المخيمات القريبة من بيت لحم (مخيم عايدة ومخيم الدهيشة)، لفت انتباهي النبرة اليسارية العالية على جدرانهم، على سيرة الجدران، جدار الفصل العنصري بوجهك وين ما لفيت، قد ما تفكر إنو بشع، هو أبشع، لكنه أكبر لوحة رسم على وجه الأرض، والفلسطينيين والنشطاء الأجانب مش موفرين، أخذت صور معبرة، ووجدت عملين للفنان العالمي بانكسي صدفة.
·بضائع إسرائيلية: أكلت وشربت بضائع إسرائيلية! وأنا اللي حامل السلم بالعرض (على قد ما بقدر) بعمّان وبقاطع وحالتي حاله.. شعور غريب، بس لما ما يكون في خَيار شو بدك تسوّي؟ هيك الفلسطينيين.. بيشترو بضاعة إسرائيلية، وبشوفو الويل حتى يطلعلهم تصريح عمل بإسرائيل.. شعور رائع يعني!
خلاصته، الفلسطينيين مش ملائكة ولا هم شياطين، هم ناس طبيعيين زيك زيهم، بفرق معاناتهم وطبيعتها، ومأساتهم اللي فعلاً إذا ما شفتها على أرض الواقع صعب تتفهمها، بس برضو فيهم المنيح وفيهم العاطل وفيهم خفيف الدم وفيهم المصقّع وفيهم الوطني وفيهم الخاين.. بفرق برضو إنهم شعب صامد وصابر، وممكن يكون صابر أكثر منو صامد، شعب هلكان ملتعن أبو سنسفيله، طبعاً هذا الحكي ما يتقبلو كثير من الناس بس هو هيك الواقع، صامدين؟ نعم، هلكانين؟ برضو نعم.
·صور وأفلام (إكبس)
بالمناسبة، جدتي تعبت، وبطلت تعمل طابون.. هاي أكبر خيبة أمل بهاي الزيارة.. منيح اللي وثقتها أيام ما كان فيها حيل..