Mar 29, 2012

فلنستعجب سوياً

http://naserz.blogspot.com

Mar 24, 2012

كل عام وراسك بخير يا عامر


سأترك الحديث في التداعيات السياسية لجحافل المعلقين والمحللين على مسيرة الإصلاح السياسي منذ بداية العام 2011 وحتى 24 و25 آذار وتداعيات الأحداث، من التحشيد الإعلامي عبر الأثير والتلفاز والشوارع وأعمدة الكهرباء وجدران المباني العامة والدواوير، إلى مؤتمر الشباب والمسرحيات التي قدمت بحضور جلالة الملك، وملفات الفساد التي تنفتح دون إغلاق في المدى المنظور، قلت سأترك ذلك لمن ما زال لديه طولة البال وما زال مقتنعاً بأن ما أراده قبل عام ما يزال على ما هو عليه بعد هذه المدة.
يبقى في ذهني من 25 آذار 2011 تجربة لا مثيل لها، واللي ما إجا راحت عليه، لبضع ساعات من ذلك اليوم كان الأردن مختلفاً، أردن كنت تراهن نفسك على أنه موجود طوال سنين الجامعة، إيمان.. مجرّد إيمان بوجود هذه الروح وهذه الفكرة، تجده فجأة ينحصر في مساحة ضيفة تحاصرها قوات أمن من على منفَذيها وجمهور من أبناء جلدتك يفكرون بطريقة يصعب الوصول لدوافعها إذا ما حللتها منطقياً.
يبقى في ذهني لحظة دخولنا الدوار، أنا وصديقي المصوّر عامر سويدان ، يحمل كاميرته ويحاول إقناع رجال الأمن بأننا صحفيان، وبأن المدوّنون هم صحفيّون بدون هويات صحفية صريحة. يبقى في ذهني أيضاً صورة لينا عجيلات تلتقط صورة للصف الأول من المعتصمين الواقفين على مدخل الدوار، فتاة تقف في مساحة محرّمة فارغة، مسافة أمان، بين المعتصمين ورجال الأمن ومدنيين اعتقدوا خاطئين أنهم على شفى دخول حرب مع "الآخرين"، تلتقط صوراً للفريقين قبل أن تلتقط ندائي وتشير لنا بأن ندخل من الجهة المقابلة. يبقى في ذهني حلقات الدبكة الوطنيّة، الوطنيّة الصادقة الخالية من المداهنات والغباء. يبقى في ذهني أرصفة الدوار و"خلطة" الجالسين عليها من جميع التيارات والشعور باللُّحمة والهدف المشترك، صورة الصحفي أحمد زعتري "بكبّس" عاللابتوب وعلى يمينه مجموعة يساريّات وعلى يساره مجموعة محجبات. وأخيراً يبقى في ذهني سلسلة أحداث سيئة دوّنتها بالتفصيل في (من تحت الجسر).
الذي لم يدوّنه أحد هو رحلة عامر بعد أن افترقنا في غمرة الغوغاء وتفادي الحجارة، عامر أكل "قنوة" على رأسه بدون داعي وبكل برود - "قنوة" كانت أقل قسوة من قنوة صديقي حسان الذي دوّن للذكرى في حبر-، قال لي –عامر- إن اللحظة التي انسلخ فيها الخوف والتوتر عنه نهائياً كانت رؤيته لأول قطرة دم سقطت من رأسه لتستقر على عدسة كاميرته التي كان يحتضنها بيديه، صرخ بالدركي أن "أكمل.. وماذا بعد؟!"، قال لي أنه حاول الاتصال بي دون جدوى، وأوصل الخبر أحد أصدقاؤنا بأن ناصر (راح فيها ومش ملاقيونه) بحسن نية وتّرت عزيزين، لكنه وجد ملاذاً ليتواصل مع العالم عبر تويتر وأرسل بعض التغريدات ليعرف العالم ومن يهتمون بأمره أين هو وماذا يحصل له. تم نقله في سيارة إسعاف للدفاع المدني، قبل أن يبدأ المسلسل الأبشع على الدوّار، كان بجوار عامر في سيارة الإسعاف شخص آخر سقط سهواً من ذاكرتنا الجمعية لسبب من الأسباب اسمه "خيري"، خيري الذي مات ولا أحد يعرف كيف ولماذا تحديداً، عدا التقارير الطبية التي أشارت إلى أن ميتته نتيجة مشكلة في القلب، وجد نفسه مع هذا الشخص في الطريق إلى المستشفى، وفي غرفة الإسعاف مع أهله وأولاده الذين طلبوا منه أن يصوّره وينشر صورته، بعد أن يضمّد رأسه النازف، وقد فعل، ولكن لسبب ما، تخرج تصريحات بأن مظاهرات الأردن خرجت دون خسائر كما في الدول الأخرى، كأن أحداً لم يصب، وكأن رؤوساً لم تُدمى، وكأن شيئاً لم يكن.. ويبقى في الذهن صورة حداد شعرت به في طريق العودة للمنزل.

سأقتبس من صديقي حكيم الذي تسلّق سور مبنى بترا وغادر في الوقت المناسب "اللي مزعلني أن هؤلاء ليسو بلطجية مصر، هؤلاء جاؤوا دون أن يضطر أحد لأن يدفع لهم، هؤلاء مقتنعون بأنهم يفعلون ما يجب فعله.. الحق عاللي عبّاهم."

وكل عام وراسك بخير يا صديقي.
http://naserz.blogspot.com