أنا عمري 27 سنة ومعيش رخصة! (سكّر ثمّك المتفاجئ ورجّع حواجبك لوضعهم الطبيعي لو سمحت..شكراً) يعني طول عمري يا بتكسي، يا سرفيس، يا باص، يا مع حدا من الأصدقاء، وخبرتي المتراكمة هاي ما كمساعد سائق (co-pilot) بتأهلني –والعلم عند الله- لتجاوز امتحان الرخصة النظري، أي نعم بسوقش بس قد ما سمعت شكاوي وتعليقات من اللي بسوق جمبي من ورا تياسة السائقيين الثانيين أصبحت على دراية تامّة بتشديد الميم بمهارات وتقاليد وعادات وأخطاء وحداقة وأسرار السواقة في الأردن! يعني صرت أنرفز من واحد بكسر عليك غلط قبل ما اللي راكب معو ينتبهلو، وصرت أتبّع للمفاصيم اللي بفوتو شارع فرعي بسرعة مليون قبل ما اللي جمبي ينتبه، أو اللي بفوت عالدوّار وعامل حاله أهبل ومش شايف، أو قاطعين الطريق الانتحاريين اللي برضو بفقدو حاسة البصر والسمع عند عبور الشارع، أو البنت اللي فايته من أقصى اليمين لأقصى اليسار وناسية الغمّاز وغيرهم من الشخصيات المرموقة اللي كل السائقين ومساعدينهم المحترفين (مثلي) بيعرفوهم.. وعندي عادة سيئة بإصدار صوت تحذيري يتراوح ما بين الشفطة و الصفير (زي لمّا تشوف بنت حلوة وتقول "*الصوت* يلعن عمري!" أو تجيك فاتورة الكهربا وتقول "*الصوت* يلعن أبو الصيف، طفّو المراوح!" كردّة فعل لا إرادية، عادة ما تلخم هذه الإشارة التحذيرية السائق وتتسبب بأشباه كوارث، المهم، بعد دراسة وتمحيص وتحليل، أيقنت أن السبب في هذه التصرفات حالة مزمنة من اضطراب فكري يسمى "تعدد الشخصيات" مستفحل في الشارع الأردني، كيف... خلوني أوضّح: بدي أقارن بين المواطن الأردني بين على باب بيته، والمواطن نفسه على باب سيارته، والتحوّل الذي يطرأ لحظة دخوله منزله ولحظة دخوله سيارته، لاحظ معي السيناريوهات الخيالية التالية:
سيناريو أ- صديقك عزمك على بيته، بتوصلو مع بعض وبيفتح باب البيت، لاحظ معي هاي اللقطة بالعرض البطيئ: يضع يده على كتفك ويجرّك لتدخل أمامه، أنت بالتالي تلف يدك القريبة منه على ظهره وتحاول دفشه للداخل بنفس القوة، اليد الأخرى تؤشر بأصبع واحد "لا لا لا لا" متبوعة بـ "والله ما يصير..."، يضع رجله اليسرى أمامه لاكتساب مزيد من الثبات، ينقض بيده الأخرى على كتفك وبحركة Jiu Jitsu رشيقة يرميك داخل المنزل ويتبعها بـ "اللي عاليمين اللي عاليمين"، مع العلم ممكن تكون إنت عالشمال..بس هذا هو الكرم وحسن الضيافة!
في الشارع عاد، ممكن تكون محشور جمب صاحبك نفسه وبدك تروح من اليمين للشمال، إلك ساعة بتستنا حدا يمرّقك قدامه، ضاوي غماز، مطلّع إديك الثنتين من الشبابيك، استعنت ببياع سبونج بوب عالإشارة عشان يوقفلك السير، سيارتك واقفة بزاوية 45 درجة لليسار، معطّل السير اللي وراك، بالإضافة إلى إنو في إشارة وفيك ولا بلاك اللي رح يمرقك قدامه ما رح يتغيّر عليه إشي، ومع ذلك، صاحبك يأبى أن يمرّقك وبلف عن بوز سيارتك اللي ضايلها دفشة وبتفوت بالخط وبجحرك وحال لسانه يقول "حل عن *#@$*@#"، في هذه اللحظة يدرك أنك صديقه الصدوق ويندم أشد الندم وتصبح نادرة للتندر ورواية للقصص والسهرات... كأن شيئاً لم يكن.
سبحان الله.
سيناريو ب- صديقك عندو ضيوف، روّحو وضل واحد، وهذا الواحد هو أقل واحد صديقك بطيقه، ثقيل دم وبايخ، من النوع اللي بطلب مكتّه يدخن بالصالون مع إنو أولادك معلقين dangler بالصالون "ممنوع التدخين"، بقوم صديقك بجيبلو مكته، وفي حال ما كان في مكتات لإنو واضح إنو عائلة صاحبك ضد التدخين، بجيبلو صحن فنجان قهوة، وبقعد معو، وبطوّل بالو على زناختو، وبنعس صاحبك، ولا يمكن يحسسو إنو نعس، بشرب ريد بول، قهوة ...أي إشي، وبضحك على نكت الضيف الزنخة وبجيبلو عشا من حواضرو كمان، وبعد 5 ساعات بقوم الشب المصقّع بدو يروّح بحلف عليه يضل ويسهر وينام بالصالون! 5 ساعات من حياة هذا الإنسان راحو مع بني آدم ما بطيقه، لكن معلش، هذا كرمنا وهذي أخلاقنا.
أما بالشارع، صاحبك نفسو بيضطر يهدّي سرعته عشان في تكسي بعمل يو تيرن بنص الشارع، اليو تيرن رح تاخذ من 5-25 ثانية كحد أقصى، مع هيك، صاحبك بكون زمّر 124 مرّة، شبّر من الشباك 12 مرّة، سب وهذرب مع حالو لمدة 3 دقائق (حتى بعد ما يكمّل بطريقه) وبكون مستعد ينزل من سيارته، يسحب شوفير التكسي من الشباك ويرفش ببطنه!
إحنا ببيوتنا فش أحلى منّا وأكرم منّا وأرقى منّا، بس بسياراتنا بالشوارع بنصير قمة اللؤم والنذالة وقلة الحيا.. ليش؟! والله نفسي أفهم ليش!