لك أن ترى الربيع العربي ربيعاً، ولك أن تراه خريفاً.. إنت حر!
لك أن تراه عاصفة في فنجان، زلزال، بطيخ مبسمر.. إنت حر!
لك أن تراه مؤامرة غربية، أجندة ميتافيزيقية، مخطط ماسوني علماني إسلامي.. إنت حر!
بالنسبة لي، وأنا حر كمان، مهما كانت النتائج اللحظية، ومهما كانت الصعوبات والعقبات الواضحة والمُكئبة والمحبطة، في النهاية يعنيني كإنسان حلم دائماً بأن يكون جزءاً من حراك أكبر وأسمى وأعظم من أهداف موضعية تنحصر في إنجازات شخصية، كإنسان يعنى بمفهوم الحريّة والعدالة وكفّ الظلم عن كل البشر وتحقيق الكرامة، أقول يعنيني من الربيع العربي الكثير، الكثير من معانيه، والكثير ممّا أثبت، والكثير من المفاهيم التي قلبها.
تعنيني الفتاة العربية، المرأة العربية، يعنيني أنها صفعتني على وجهي بكفّها التي تلبس قفازاً أسوداً يكمّل جلبابها في صنعاء، وأن شرَرَاً من عينَيها اخترق نقابها ليدمى مقلتي وهي تزف ابنها في حمص، وأنها أشعرتني بقلّة حيلتي وهي تقود الهتاف بيد وتثبّت باليد الأخرى غطاء رأسها من على شرفة صغيرة في أحد أزقّة القاهرة، وأنها أعادت تعريف معنى الشجاعة وهي تداوي رأس جريح في المنامة.. يعنيني أن صورة الثائرة لم تعد تنحصر في مخيّلتي بليلى خالد وبوحيرد والمناضلات القدامى فقط.
يعنيني أنّ لي أصدقاء الآن في عدن وفي القاهرة وفي الاسكندرية وفي دمشق وفي حلب وفي تونس وفي طرابلس وفي لبنان وفي كل مكان في العالم، أصدقاء لم أعرف منهم إلاّ سيّالاً من عصارة أفكارهم ومشاعرهم على شكل 140 حرفاً! ويعنيني كثيراً آخرين منهم ذهبوا قبل أن أعرفهم، قبل أن يستشهدوا.
World Press photo 2011 1st place winner, by Samuel Aranda |