بطاقة الجسور
الصفراء لمن لا يعرف، تصرف للأردني المقيم (أو المولود) في الأردن ذو الأصول
الفلسطينية الذي يحمل هوية فلسطينية نتيجة "لم شمل" أو غيره، زي حالاتي،
والحامل لهذه البطاقة وضعه مضحك بعض الشيء، من ناحية أنّه يُعرّف دائماً نسبة
للآخر، بمعنى:
وأنت في الأردن:
أنت أردني من أصل فلسطيني، يمكن للبعض أن يصفك بـ: فلسطيني. وهذه حقيقة.
وأنت في فلسطين:
أنت فلسطيني أردني، أو الأكثر شيوعاً: أردني، أو، من عمّان. وهذه حقيقة أيضاً.
إذاً: لا هون
ولا هون أنا "شي واحد"، أنا دائماً "نصف شيء" +"نصف شيء آخر"
مطلوب منّي أجاهد لإثبات انتمائي لأحد الطرفين. طبعاً أنا أعتبر نفسي محظوظ،
ودائماً أشبه الأمر بالذي حبته الحياة بوالدتين حقيقيتين، بعرفش ليش ما عمره خطرلي
أشبه الأردن وفلسطين بأب وأم، يمكن لأني منحاز للأمهات بشكل عام، ولكن هذه الحقيقة
يترتب عليها شويّة أشياء أخرى:
وأنا في الأردن:
أنتقد الأردن، كوني أردني لي ما لي وعلي ما علي، وإلى حد ما أتّخذ موقف دفاعي
"عام" بالنسبة لفلسطين ككل.
وأنا في فلسطين:
ما بخلّي.. لا لفتح، ولا حماس، ولا يسار ولا طعريس. وإلى حد كبير جداً أتّخذ موقف
دفاعي شرس بالنسبة للأردن.
يعني سواءً أنا
في الأردن أو في فلسطين، تلقائياً البلد الثانية تصبح كفرد من أفراد عائلتي؛ وأنا
معهم ممكن نحكي بصراحة ونسب على بعض، وأنا مع حدا من برّا العيلة، عيلتي تمام
التمام ومحدش يتفلسف! وطبعاً هذا الموضوع يبدأ بالسياسة ويمر بالجو والحياة
والشوارع وال وال وال حتى المنسف، في فلسطين بيزعلو الناس مني بس أحكي إنو المنسف
بالأردن أزكى، وبالأردن بعاني وأنا أقنع بعض الناس إنو المنسف أكلة موجودة في
فلسطين من زمان!
كمان مفارقة
مضحكة شوي، وأنا في الأردن أنا أعتبر (حسب تصريح الاحتلال) خارج من الأراضي
الفلسطينية، وعندما أذهب في زيارة أكون قد "عدت" إلى فلسطين وعلي
استصدار تصريح عبور جديد. فيما بالنسبة للأردن، عندما أذهب إلى فلسطين أكون قد
"غادرت" الأردن وعند انتهاء الإجازة أكون قد "عدت" إلى
الأردن... إذاً على عكس باقي خلق الله الذين يغادرون مكاناً واحداً ثم يعودون
إليه، أنا في حالة مغادرة وعودة مستمرة، حالة اللاحالة، فيها بشلن سريالية، مثل
قطة شرودنغر التي وضعها داخل صندوق فيه سم ينطلق بشكل آلي، إذاً حتى رفع الصندوق
والتأكد من حالة القطة تعتبر القطة على قيد الحياة وميتة في آن معاً.