قبل كم يوم، حضرت "ستاند اب
كوميدي" لأحد الشباب الأردنيين، اسمه نديم المصري، الشب كنت شايفه عاليوتيوب
بشخصية (أبو ماريو) الميكانيكي، حشاش الشب وخفيف دم، بس ما كنت حاضره وهو بعمل
ستانداب، ويا ريت ما حضرته صراحة، بداية، أكثر من نص نكته كانو عن البنات، بداية
بإنو "بتعرفو كل ما نروح محل، دايماً في بنات حلوين" يعني من أوّلها
أعطاك اياها، البنات يا حلوين يا مش حلوين، وحكى كم نكته ما بضحكو نهائياً عن
البنات الحلوين وكيف مش لازم كل مكان يكون فيه بنات حلوين لإنه مشكلة إذا كانت
الصيدلانية بنت حلوة، لإنو مش رح يعرف يطلب منها دوا للباصور، عارفين إنتو... لإنو
الصيدلانية اللي درست وأكلت روح الخل وهي بتحفظ كل نباتات العالم وشو بتعمل وبعرفش
شو لازم تكون "مش حلوة" عشان تقدر تكون صيدلانية مريحة نفسياً..أيوا!
كانت رايحة عن بالي هاي، مش إنو البنت الصيدلانية متوقع منها تكون "بروفيشينال"
وتتعامل مع مشاكلك زي أي بني آدم ثاني، لإنها كفؤة وعندها مخ عالأغلب بستوعب
كثييييير أكثر من مخّك (بس بالمقارنة بكمية المعلومات اللي لازم تهضمها عشان تصير
صيدلانية مبدأياً)، لأ، هي عبارة عن إشي "مزة" أو "شطب"، هي
هيك البنت، مخلوق بتتطلع عليه من بعيد وحضرتك بتعطيها علامة من 10 على مقياس
الجمال الخاص فيك. عاد صيدلانية ولا طبيبة ولا أمينة مكتبة أكيد عند هاي العقلية
ما بفرق، لإنو النكتة السمجة كان ممكن تكون عن أمينة مكتبة (تخيّل إنو أمينة
المكتبة شقفة، وانتا بدك كتاب عن تحسين حياتك الاجتماعية، كيف بدك تطلبه منها
وتبين إنك فاشل بالحياة قدامها) هاها ها ها ها .. بس هو صراحة النوعية هاي بشك
إنها توصل مكتبة مبدأياً، وأكيد النكتة ما كانت رح تكون عن كتاب حياة اجتماعية،
كانت رح تكون عن كتاب (تحفة العروس) عشان العقد الجنسية لما تجتمع مع العقد
الأبوية والسكسزمية بتعمل فرقعة كبيرة أوي أوي.
بعدين حب الكوميديان يعطينا
معلومة إنو البنات اللي بشتغلو بالأدفيرتايزنغ دايماً حلوين، مرة ثانية، تأكيد على
فكرة إنو البنت "الحلوة" اللي بتشتغل بالأدفيرتايزنغ ما اشتغلت لإنو
براسها في مخ، بس لإنها حلوة، أو عالأقل تلميح بهالاتجاه، تلميح مقرف وينم عن جهل
ونظرة مهينة برأيي لكل بنت شملها بهالقصة، بتدعّم الصورة النمطية للمرأة الحلوة
اللي بتقدر توصل في حياتها العملية على عكس البنت "اللي مش حلوة"، طبعاً
أنا بفترض الكوميديان لما يحكي مقطع هيك يكون في نقد مبطّن للموضوع، زي
الكوميديانات اللي بنقدو العنصرية والسكسزم بطريقة مضحكة، بس لأ، ألموضوع كان عرض
حقائق وسيناريوهات مش أكثر، يعني بافتراض إنها مسلّمات وهو بحكيلنا اياها واحنا
لازم نضحك.. أنا بشتغل بالأدفيرتايزنغ، وعندي زميلات مبدعات وذكيّات وبتحملو
مسؤولية قد 100 شب، آخر إشي ممكن توصفها فيه إنها حلوة ولا مش حلوة، أًصلاً
المعيار هذا لازم يلتغى كله على بعضه.
بعدين فات بالجزء الأكثر دسامة
بالعرض، واللي كان يتمحور حول قديش البنات غبيّات وهبايل، قديش همه هبايل لما
يحضرو كرة قدم، وبعرفوش يحكو "نشامى"، وكيف إنهم بعرفوش إنو اللي لابس
أسود هو حارس المرمى، واللي لابس أصفر هو الحكم، ويعني.. كمشة "نكت"
ملهاش طعم بتعزز الصورة النمطية الغلط التي تفترض أن البنت عبارة عن مخلوق أحمق،
ما بفهم بقصص "الشباب"، وما كان ضايل يحكي غير إنو مكانها هو المطبخ.
طبعاً جهبذ كرة القدم مش منتبه إنو الأردن رح تستضيف كأس العالم للناشئات بـ 2016،
يعني الله يعين هالناشئات اللي عنّا.. مش عارف من وين بجيبو هالعزيمة يكمّلو وكل
حد حواليهم بفترض إنهم عاهات.. وأكيد نسي إنو عنّا بطلات تايكوندو وملاكمة وسباقات
سيارات جابو ميداليات للأردن ما جابها حد، وإنو عنّا بنات بطلعو إيفيريست وبتسلقوا
وفيهم حيل أكثر من 10 شباب واقفين عالرصيف بصنّفو : هاي شقفة، هاي شطب..أو بكتبو
نكت عن تخلّف البنات الرياضي.
الفكرة وين بس.. الفكرة اللي
جابتني كتاف ما كانت النكت، قد ما كانت ردة فعل الناس، وتحديداً البنات، لمّا
كانوا يضحكوا ويزقّفوا.. ويسلموا عالأخ ويتصوّروا معه، كأنهم بحكوله:
برافو..تابع..استمر.. كإنو ما عندهم مشكلة معه، لأ، لازم يكون عندك مشكلة معه،
كلنا لازم يكون عنا مشكلة معه، مش مع شخص نديم، اللي برأيي وظف موهبته بطريقة
خاطئة، لإنو نكته الباقية تبعة الرغيف السخن وأكم من نكتة عن حياتنا وواقعنا كانو
فعلياً لطيفين، لازم يكون عنّا مشكلة بالفكر هذا كله، اللي بينتج كوميديا هيك،
مسلسلات هيك، أغاني هيك، وبالنهاية حياة هيك. لا تزقّف للعنصرية، لا تزقّف للسكسزم،
لا تزقّف للصورة النمطية، إنتا أو إنتي اليوم بتضحك لنكتة بتحكي إنو البنت غبية،
طيب ما أمّك أنثى، مش أنثى أمّك؟ الأخت أنثى، الحبيبة أنثى، بناتك بكرا بدك يكونوا
بمجتمع بينظر للبنت إنها إما "شقفة" أو "شطب" بغض النظر عن أي
إِي ثاني إلو معنى؟ وأهم إشي، عزيزتي البنت: إنتي أنثى مش هيك؟ أقل ما فيها، أقل
ما فيها، إنتي قولي لأ.