كنت قد كتبت عن ما أسميته "متلازمة جمهور المسرح الأردني" قبل سنوات! والبارحة وبعد أن حضرت حفل الثلاثي جبران في جرش أطمئنكم أن العوارض مستمرة، بل أن أحدها ازداد ليتحوّل من درجة العارض إلى الداء المزمن، ألا وهو: التصفيق الحار.
نحن شعب يحب أن يصفّق، عندما يصعد الفنان للمسرح، نصفّق
عندما يجلس على كرسيّه، نصفّق
عندما يهش ذبابة عن وجهه، نصفّق
عندما نسمع أول نوتة من أول مقطوعة نعرفها، نبرهن على حسنا الثقافي العالي بأن "بعرفها" و.. نصفّق
عندما يتصاعد الفنان باللحن أو بالكلمة، نصفّق
قبل أن ينهي الفنان مقطوعته، نبرهن على أنّنا نعرف أن النهاية اقتربت بأن... نصفّق
نضيّع على أنفسنا ذروة العروض الفنيّة لأنّنا .. نصفّق
نضيّع على أنفسنا ألطف وأرق نوتة منخفضة بعد تصاعد صخب لأنّنا نصفّق
حتى بعد أن يقطع الفنان الحفل ليطلب منّا بأدب أن "نصمت" .. نصفّق!!!
ولكن، لم الاستغراب؟ نحن تعوّدنا أن نصفّق، بهدف أو بدون هدف، فاهمين ولا مش فاهمين،
صفّقنا للطالب مسؤول الإذاعة المدرسيّة ..
صفّقنا لمدير المدرسة بعد أن ألقى علينا أوامره "أماماً..جانباً.. عالياً..أسفل خفض يا حيوان"
صفّقنا لأستاذ اللغة العربية عندما "ألقى" لنا قصيدة ولم يقرأها مرور الكرام
صفّقنا لورقة عباد الشمس حين تحوّل لونها للأزرق في مختبر الكيمياء
صفّقنا للتلفاز عندما "لقط" سوريا الثانية
صفّقنا للخروف عندما ذبحوه
صفّقنا لسحبة البلالين
صفّقنا للقطط في شباط
صفّقنا للطائرة الحربية تخترق جدار الصوت
صفّقنا لصدام حسين
صفّقنا للشيخ حسن
صفّقنا لإذاعة صوت العرب
صفّقنا لهيلاري كلنتون واليو إس إيد
صفقنا لوادي عربة
صفّقنا لغزو الكويت
صفّقنا للناتو وللجامعة العربية ولدول عدم الانحياز ولكل الدول الصديقة والعدوّة...
صفّقنا حتى اهترأت أكفّنا.. صفقنا بكيفنا وغصباً عنّا، صفّقنا مجاملة وصفّقنا خوفاً وصفّقنا جهلاً وصفّقنا لإنو "عيب" حتى احترفنا التصفيق، نصفّق للجمال فنشوّهه، نصفّق للخزي فنكرّمه، نصفّق لأسيادنا ونصفّق لأشباحنا ونصفّق لكل شيء، نصفّق كل مرّة دون أن نفكّر لأننا ببساطة لا نحترم أنفسنا.
http://naserz.blogspot.com
6 comments:
مش عارف بس بعد ما قرأتها اجى عبالي اصفق ....الفطرة يمكن
الحقيقه لا تخفي نفسها ..
نحن شعب سحيج
شكراً عالفضوضه ناصر
كلنا "relate" إلها
وحل,, تيبكال
ناصر,, بعجبني في الفنانين اللي واثقين من حالهم وبدهمش إطراء او تبجيل إنهم بطلبو ماحدنش يزقف طول الحفله أو بوجود سكتش أو أغنية إلها هيبتها وإحترامها
فشيت غلي .. كنت رح موت من الغيظ من كتر التسحيج
بغض النظر عن الجزء الثاني من البوست بس التصفيق المزعج في الحفلات ظاهرة منتشرة حتى بين الأجانب هيك بصير في الحفلات اللي بحضرها وزي ماقلت العازف بقطع وصلتو وبقولهم "احنا متشوقين لتصفيقكك بس استنوا لآخر الوصلة" بس ابيش فايدة!
كنت هناك ايضا في قلب الحدث..ولازلت للآن مسحورة باجواء ذلك الثلاثي الذهبي النادر..وربما من فرط سعادتي اهملت كل العوامل الاخرى التي حولي فلم انتبه للتصفيق..
لكننا صفقنا..بحكم العادة اكيد
رائعة كلماتك وافكارك.
Post a Comment