كما قال الشاعر، الوثائقي الذي عُرض الأسبوع الماضي في مركز الحسين الثقافي (بتذكرة 5 دنانير)، كان من المفترض أن يكون "مقاربة شعرية لحياة الشاعر والأديب والإنسان "محمود درويش""، جميل! فيلم يتناول درويش، بوستر الفيلم عليه صورة درويش، ولا بد أن فيلم من هذا النوع قد أُنتج بكثير من الحب والشغف تجاه شخص الشاعر وقضيته، لكن المفاجأة الغير سارة هو أن "الوثائقي" -برأيي- لم يرق لا لشخص الشاعر، ولا لقضيته، ولا لذائقة وعقل الجمهور على مختلف "أنواعه".
قرأت اليوم مقالاً عن الفيلم في جريدة الغد، وهنا يحضرني تساؤل ملح، هل نجامل عملاً ما إذا كان يتناول شخصية محبوبة لمجرد ذلك فقط؟ لا أعرف -بل أعرف- كيفية "صف الكلام الجميل" حتّى لو لم تكن مقتنعاً به، فهذه حرفة تتعلمها، تبنيها على شيء من الموهبة، وفي النهاية ستكتب كلاماً كما في المقال السابق! المهم، الفيلم كما هو مذكور، يأخذك إلى أماكن وبلدان شتّى، يعرض منها بعض المناظر، ومن ثم نستمع لشعر درويش بإلقاء شاعر من هذا البلد أو ذاك، لكن مع الأسف، أدّى هذا "الجفاف" والتكرار في الفيلم إلى توليد حالة مزرية من الملل! ثم إن في مكتبة درويش من الشعر ما يكفي لملء ساعات وساعات من الوقت، فلماذا تكرار بعض القصائد؟؟ "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" من أجمل الجميلات، لكن أن أراها مكتوبة في البداية، ومن ثم مكتوبة على الشاشة، ومن ثم مسموعة بصوت درويش، ومن ثم بصوت مجموعة فتيات صغار، ومن ثم بصوت شاعر -إسباني على ما أعتقد؟-... ؟!
كما أنّ الغير متتبع لحياة درويش بالتفصيل سيجهد في إيجاد أي دلالة للأماكن التي تم التصوير فيها، وعندما سألت المخرج نصري حجاج عن هذه النقطة، أجاب ببعض من العصبية أنه لا يشترط على الوثائقي أن يكون تقليدياً في طريقة تلقينه للمعلومات بل أنه يجب على المتلقي أن يبذل بعض الجهد لتكتمل الصورة لديه، وأنا أتفق مع هذا إلى حد كبير، لكن ما هو دور "تنزانيا" في حياة درويش؟ أيعلم أحدكم فتكتمل الصورة لدي لو سمحتم؟ ثم لا أدري ما هي الإضافة التي حصلت عليها كمشاهد -سواء كنت من المعجبين بدرويش أم من الذين يتعرفون عليه لأول مرة من خلال الفيلم- لا أدري ما هي الإضافة في أن أرى غرفة الفندق التي نام فيها درويش لآخر مرّة في فندقه المفضل في باريس؟؟؟ وتلك الأوراق التي رأيناها على الطاولة هناك؟ أيجب أن أفترض أن هذه أوراقه وأقلامه؟ ومن ثم يجب أن أقنع نفسي بأنّ هذا الفرض صحيح؟ ثم يجب أن أتأثّر بذلك؟؟؟؟؟؟؟
سأقفز عن اللوحات التعبيرية التي لا داع للاعتراض عليها أو على دلالتها، فإجابة هذا النوع من التساؤلات هو: إذا انت مش فاهم، فالحق عليك! بالمناسبة، أحد المشاهدين علق قائلاً -للمخرج-: شعرت أنني أشاهد فيلماً للراحل يوسف شاهين، ولا أحد يفهم أفلام يوسف شاهين إلاّ يوسف شاهين.
سأقفز إلى مسك الختام، اللوحة الأخيرة، الحصان الذي بدا في بداية الأمر مستلقياً على رمال الصحراء، لنكتشف بعد بيتين أو ثلاثة من الشعر أنّه يعاني للقيام على أربعته، ثمّ لنستنتج بعدها ببيتين أو ثلاثة أنّ الحصان مدفون في الرمل حتى منتصفه تقريباً، ثم لنرى في لقطة مقرّبة عرقه يتصبب على رقبته، وذبابة اختارت اللقطة الأنسب لتحلّق حول رأسه وتحط عليه، ثم لنكتشف بعد أن أصبحت معاناة الحصان هي بطلة المشهد وحيث توقفنا عن عدّ أبيات الشعر وفقدنا القدرة على الاستمتاع بها، بعد أن نجح الحصان في النهوض بجسده المتعرق وآثار الرمل ملتصقة به، وبعد أن ألحّ عليّ سؤال في تلك اللحظة، أهذا هو الحصان الذي تركناه وحيداً؟ أم هو الأبيض الشامخ الذي رسمته تمام الأكحل لدرويش ليكون غلافاً لكتابه؟ بين هذا المشهد وذاك أعتمت الأنوار، وانتهى الفيلم.
إذا أردت أن تتناول شخصية من عيار درويش، فتوخّى أن تفوق التوقعات لا أن تلتقيها، لأنّك إن أخفقت، فلن يغفر لك أحد، درويش رحل لكنّه حي في قلوب كل محبّيه، وعندما يتعلق الأمر برمز للقضية، تأخذ المسألة بعداً شخصياً، ويكون الحساب عسيراً، من اللي بفهم، واللي ما بفهم! يعني اللي مثلي
قرأت اليوم مقالاً عن الفيلم في جريدة الغد، وهنا يحضرني تساؤل ملح، هل نجامل عملاً ما إذا كان يتناول شخصية محبوبة لمجرد ذلك فقط؟ لا أعرف -بل أعرف- كيفية "صف الكلام الجميل" حتّى لو لم تكن مقتنعاً به، فهذه حرفة تتعلمها، تبنيها على شيء من الموهبة، وفي النهاية ستكتب كلاماً كما في المقال السابق! المهم، الفيلم كما هو مذكور، يأخذك إلى أماكن وبلدان شتّى، يعرض منها بعض المناظر، ومن ثم نستمع لشعر درويش بإلقاء شاعر من هذا البلد أو ذاك، لكن مع الأسف، أدّى هذا "الجفاف" والتكرار في الفيلم إلى توليد حالة مزرية من الملل! ثم إن في مكتبة درويش من الشعر ما يكفي لملء ساعات وساعات من الوقت، فلماذا تكرار بعض القصائد؟؟ "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" من أجمل الجميلات، لكن أن أراها مكتوبة في البداية، ومن ثم مكتوبة على الشاشة، ومن ثم مسموعة بصوت درويش، ومن ثم بصوت مجموعة فتيات صغار، ومن ثم بصوت شاعر -إسباني على ما أعتقد؟-... ؟!
كما أنّ الغير متتبع لحياة درويش بالتفصيل سيجهد في إيجاد أي دلالة للأماكن التي تم التصوير فيها، وعندما سألت المخرج نصري حجاج عن هذه النقطة، أجاب ببعض من العصبية أنه لا يشترط على الوثائقي أن يكون تقليدياً في طريقة تلقينه للمعلومات بل أنه يجب على المتلقي أن يبذل بعض الجهد لتكتمل الصورة لديه، وأنا أتفق مع هذا إلى حد كبير، لكن ما هو دور "تنزانيا" في حياة درويش؟ أيعلم أحدكم فتكتمل الصورة لدي لو سمحتم؟ ثم لا أدري ما هي الإضافة التي حصلت عليها كمشاهد -سواء كنت من المعجبين بدرويش أم من الذين يتعرفون عليه لأول مرة من خلال الفيلم- لا أدري ما هي الإضافة في أن أرى غرفة الفندق التي نام فيها درويش لآخر مرّة في فندقه المفضل في باريس؟؟؟ وتلك الأوراق التي رأيناها على الطاولة هناك؟ أيجب أن أفترض أن هذه أوراقه وأقلامه؟ ومن ثم يجب أن أقنع نفسي بأنّ هذا الفرض صحيح؟ ثم يجب أن أتأثّر بذلك؟؟؟؟؟؟؟
سأقفز عن اللوحات التعبيرية التي لا داع للاعتراض عليها أو على دلالتها، فإجابة هذا النوع من التساؤلات هو: إذا انت مش فاهم، فالحق عليك! بالمناسبة، أحد المشاهدين علق قائلاً -للمخرج-: شعرت أنني أشاهد فيلماً للراحل يوسف شاهين، ولا أحد يفهم أفلام يوسف شاهين إلاّ يوسف شاهين.
سأقفز إلى مسك الختام، اللوحة الأخيرة، الحصان الذي بدا في بداية الأمر مستلقياً على رمال الصحراء، لنكتشف بعد بيتين أو ثلاثة من الشعر أنّه يعاني للقيام على أربعته، ثمّ لنستنتج بعدها ببيتين أو ثلاثة أنّ الحصان مدفون في الرمل حتى منتصفه تقريباً، ثم لنرى في لقطة مقرّبة عرقه يتصبب على رقبته، وذبابة اختارت اللقطة الأنسب لتحلّق حول رأسه وتحط عليه، ثم لنكتشف بعد أن أصبحت معاناة الحصان هي بطلة المشهد وحيث توقفنا عن عدّ أبيات الشعر وفقدنا القدرة على الاستمتاع بها، بعد أن نجح الحصان في النهوض بجسده المتعرق وآثار الرمل ملتصقة به، وبعد أن ألحّ عليّ سؤال في تلك اللحظة، أهذا هو الحصان الذي تركناه وحيداً؟ أم هو الأبيض الشامخ الذي رسمته تمام الأكحل لدرويش ليكون غلافاً لكتابه؟ بين هذا المشهد وذاك أعتمت الأنوار، وانتهى الفيلم.
إذا أردت أن تتناول شخصية من عيار درويش، فتوخّى أن تفوق التوقعات لا أن تلتقيها، لأنّك إن أخفقت، فلن يغفر لك أحد، درويش رحل لكنّه حي في قلوب كل محبّيه، وعندما يتعلق الأمر برمز للقضية، تأخذ المسألة بعداً شخصياً، ويكون الحساب عسيراً، من اللي بفهم، واللي ما بفهم! يعني اللي مثلي
14 comments:
qawieh minak 3amo, right on the point i bet a lot of people didn't say that the movie stinks just because it's about someone we all love and admire. It was just so much below my expectations.
يا خسارة الخمس ليرات
تدوينة قيمة
لا تحزن سنرد لك أموالك
kindly have a look
http://shayunbiqalbi.blogspot.com/2010/01/blog-post_28.html
لهدرجه الفلم
معقول
صراحه انا ما حضرتوا بس رح احضرو
بالنسبه لخمس ليرات خلص بكتبلك فيهم 3 شكات تقسيط لمدق 5 سنوات
ur really detailed...but good Criticism :)
حلو انو يكون في متابعة ثقافية لناس بتحبها انا بصراحة عم افتقد هاي الخاصية هون
و بعض الناس او الكتاب - الشعراء - الفنانين اللي بنحبهم رح نشوف اي اطار انوضعوا فيه صغير عليهم
انا ما شفت هيدا الفيلم لاحكي عنو بس بتوقع اني لو شفت ايا شي عن درويش رح حسو صغير و ما بعبر عنو
Dee
actually i think ppl owe it to those who they admire to "Defend" them against average material presented in their names.
EvaLuna
ahhh...tzakkreenesh,ana aslan mabda2 inno ykoon film zay haik b masare mesh 3ajebne!
Sonnet
الشغلة مش شغلة فلوس !
welcome to my blog.
sharar
هو مش سيء، بس زي ما حكيت، مش ممتاز.
Rawand
I actually meant to mention "SPOILER ALERT" at the beginning but i got carried away !! thx :)
jafra
there's always time for these things, u just got lazy shway i think :) and i kinda agree with u, anything would probably look small when it comes to our expectations about ppl who we idolize, whoever they're .
Here in Leb, the screening is for free!
Weird enough I met the director yesterday at Red just after I read you post in the office! He wanted to hang some flyers there.
After your review I feel i want to see the movie, to know what made u this upset!
Eno your review about that movie 2012 made me hate the movie and lose any interest in watching it.
But this post is just too profound! Min l Qalb :) ! I like that.
Zena
tayeb please go and tell me what you think,and while at it, let him give myblog a visit iza u saw him again.
I swear Naser that when I finished reading your entry felt like standing up and applauding.
Darweesh: the first time was a mistake. The second time was a pathetic attempt for correction. Then I stopped.
MOE
*stands up*, *bows* :p
Very well said.. I was really disappointed as well..
Abeer
u were there ? ma shoftek !
walla i didn't know u have a blog :)
welcoem to smokes blow
Post a Comment