Oct 24, 2008

صباحات ذي الأصفر

طلع الصبح .. غاب الصبح ، جاء الليل .. طلع الصبح ،،، الليل هو هو ،وليلي هو هو ، وهم في الخارج هم هم ، في الموعد اليومي ، أوّلهم أسود ذي منقار أصفر وصوت مزعج لكنّ له صوتا على عكس رفيقي الأسود، لولا منقاره لما عرفته يوما من حلكة الليل ! يوقظ باقي الرفاق فيبدأون بالغناء كلهم..السّر الذي اكتشفته من معاشرتي لهم أنّهم ليسوا دائما يغنّون كما علّمونا في المدارس . أوّل التغريد توبيخ لرفيقي ذي المنقار الأصفر ،و من ثم قتال على الماء المتسرّب من أجهزة التبريد ..ماذا لو أصلحت أجهزة التبريد ؟

ثم بعد أن يشق الضوْء الأحمر الضوء الأسود، تأتي اليمامة تلك ،كاللتي تسكن حاراتنا ،الرماديّة المتثاقلة المشية ،صديقتي العربيّة !..حتّى حمامنا متثاقل ومموّه اللّون ،البارحة فقط ،خيّل إلي أن حمامنا دائم الحبَل ،لهذا هو دائما كبير البطن متثاقل المشية. إلاّ أن باقي خصائصه تميّزه عن غيره بلا شك ، يمامتنا يا سادة يا كرام ، آخر من يشرب دائما ! ولا تظنّ أنّي أسترسل في خيالي هنا ! فأنا أنتظر طقوسهم ليلة بليلة ،فهي أفضل ما تأتي به ليلة أرقة .. مخلوقات الصباح ،حتّى ذاك القط الأسود في سعيه اليومي خلف القطّة البيضاء على سطح قرميد البناية المقابلة ممتع المشاهدة ، أحلى ما في الأمر أنّ القط ينسى أمر الحمام واليمام والعصافير وكلّ شئ جاريا خلفه حبيبته البيضاء ! عجيب هذا العضو المُهرمَن في الذكور !

ومن ثم بعد الماء والغسيل والتوبيخ و تلاشي صوت ذي الأصفر تدريجيا ،لأنّه ينتقل لمكان أبعد قليلا ،ولكن بعد أن يتأكّد من سير الأمور على ما يرام أولا، بعد ذلك كلّه تبدأ التدريبات الصباحية ،يتجمّع الكلّ على سطح البيت التقليدي المقابل أولا ،ما سر البيوت القديمة والحمام على أيّة حال يختارها استراحة من دون البيوت؟ يبدأون بالطيران لمسافات قصيرة فرادى ،ثم زوجين زوجين ،ومن ثمّ رحلات أطول جماعية، ودائما يرجعون للبيت القديم ... إلاّ أحدهم، يبقى هناك في البعيد ولا يعود ،دائما أحدهم لا يرجع للبيت ، وأنا أقلق و أنتظر عودته ،ولا يعود !و أنشغل عنه برفاقه بعد أن أملّ انتظاره ، ومن ثمّ أنسى أمره .. حتى اللحظة !

والآن طلعت الشمس وصارت مزعجة ،كما طلعت معها مخلوقات النهار المزعجة ،أبناء آدم وحوّاء ،خير ما يتقنه هؤلاء هو إزعاج المكان و سكّانه ! فجأة يختفون ..يرحلون مرّة واحدة ،يذهبون لمكان آخر ! إن كانوا يغادرون بسبب الآدميّين فلا بد أنهم ذاهبون لمكان يخلوا من الآنف ذكرهم..آه كم أتمنّى لو أنّ لي أجنحة الآن ،،،أنا لم أكن يوما من الأطفال الذين يودّون جنحانا يطيرون بها ..لو أنّني تأمّلت طيرا قبلا لربّما اندهشت حينها كما أندهش الآن وتمنّيت الجناحان قبلا..لكن ماذا تراني كنت سأتمنّى الآن لو فكّرت في أمر الجناحان منذ زمن...من الجيّد أنّي لم أفكّر في الجناحان قبلا !

وثم تأتي فيروز.و أنا أسكت.و أسكن.ششششـ